القائمة الرئيسية

الصفحات

ماذا يحدث عندما لا تتعافى من إجهاد التدريبات الرياضية بصورة سليمة؟

ماذا يحدث عندما لا تتعافى من إجهاد التدريبات الرياضية بصورة سليمة؟


عدم التعافي من إجهاد التدريبات الرياضية بصورةٍ سليمة هو عادةٌ سيئة قد تؤدي إلى الإصابة الفعلية بمتلازمة الإفراط في التدريب. وهذه المتلازمة شبحٌ يلوح في أفق كل الرياضيين المتفانين في ممارسة تدريباتهم الرياضية، لكنَّها حالة غامضة صعبة التشخيص، إن لم تكن مستحيلة، وذات آثار فسيولوجية ونفسية.

ماذا يحدث عندما لا تتعافى من إجهاد التدريبات الرياضية بصورة سليمة؟




 وهذا الغموض ترافقه مصطلحاتٌ غامضة تُطلَق على الإفراط في التدريب مثل “فقدان الحيوية” أو”الإنهاك” أو “الإرهاق”. وأحياناً يُوصف الإفراط في التدريب بأنَّه انعدام التوازن بين مقدار التدريب والراحة؛ وفي بعض الأحيان يُوصَف بصورةٍ أكثر شمولية بأنَّه اختلال التوازن بين الضغط والراحة. ويشمل هذا التعريف الأخير جميع ضغوطات الحياة التي تَتَحِد مع الضغوطات الناجمة عن التدريب، وتساهم في حدوث مشاكل للرياضي الذي لا يسمح لجسمه بالتعافي بصورةٍ سليمة.

من المفيد النظر إلى الإفراط في التدريب باعتباره مرحلة من الإجهاد يصل إليها الرياضي بعد قطع عدة محطات سابقة تؤدي إليها.

وعندما نطبق تمريناً مُجهِداً بصورةٍ متزايدة، فإننا ندخل في مرحلة تجاوز متعمد (لمستوى الجهد الذي يمكننا تحمله بشكلٍ مستمر). تتضمن تلك المرحلة تحمل عبءٍ ثقيل لمدة أسبوع أو أسبوعين، ثم الانسحاب واستيعاب ذلك المجهود عن طريق تكريس الوقت والانتباه الكافيَّين للتعافي. التجاوز المتعمد هنا هو دفع الجسم إلى حافة الهاوية ثم التراجع قبل أن يسقط الرياضي من على الحافة. وهذه إستراتيجية قوية ومفيدة للتدريب، تُتبَع بشكلٍ ملحوظ في معسكرات العَدو والسباقات الثلاثية التي تستمر لأسبوع أو 10 أيام.

يجب أن يُتبَع هذا الإجهاد بطبيعة الحال بفترة تعافي كافية. فالرياضي يُنهِي فترة التجاوز المتعمد وهو مُحمَلٌ بقدرٍ كبير من الإجهاد. ويجب أن يكون هذا كافياً لتوليد تَكيُفاتٍ إيجابية خلال حالة التعويض المثالي، دون الدفع بالرياضي إلى الإصابة أو المرض (حالة التعويض المثالي هي فترة ما بعد التدريب التي ترتفع خلالها القدرة على أداء الوظيفة التي جرى التدرب عليها عن فترة ما قبل التدريب). وتُشبِّه كريستين ديفنباخ المُدرِّبة المتخصصة بعلم النفس الرياضي فترة التجاوز المتعمد هذه بشيّ حلوى الخطمي. إذ عليك للخروج بأفضل طعم أن تقترب من النار (مُحفِّز قوي للتمرين) لخلق تغيير بالحلوى (الجسم). وأضافت: “تُريدها بُنِّيَة اللون ومُجعَّدة، دون أن تشتعل بها النار. والطريقة التي تخرج بها الحلوى في النهاية تعتمد على مدى شدة النار ومدى اقترابك منها”.

يحتاج الخيط الرفيع بين شَيّ حلوى الخطمي وحرقها إلى الانتباه. ولذلك يتحتم عليك معرفة الوقت الذي يجب أن تتراجع فيه عن إجهاد نفسك في التدريبات بصورةٍ كبيرة وتبدأ عملية التعافي. ويوضح المدرب الرياضي غوردو بيرن أنَّ “هناك أوقاتٍ يكون من المرغوب فيها أن تصبح مُتعباً للغاية. لكن عليك الاستعداد لفترات الإجهاد تلك، وأن تضع في الاعتبار أنَّها أوقاتٌ خاصة. فالرياضيون تسيطر عليهم فكرة أنَّهم يجب أن يصبحوا منهكين كي يتحسنوا”. ويقول بيرن إنَّ نجاح فترة التجاوز المتعمد خاصتك لا يرتبط كثيراً بالأرقام التي يمكنك تحقيقها خلال الأسبوع، لكنَّه وثيق الارتباط بمستوى وسرعة تعافيك من الإجهاد.

وتعد القدرة السريعة على التعافي أمراً جوهرياً، ويمكنها إنقاذك من التقدم على طول منحنى الإجهاد صوب حالة الإفراط في التدريب. وعندما تكون مُحمَّلاً بقدرٍ كبير من الإجهاد، يجب أن يكون بمقدورك استعادة عافيتك بعد بضعة أيام من الراحة أو التدريب الخفيف للغاية. وتتسم تلك الحالة التي تسبق الإفراط في التدريب بانخفاض الأداء. والاحتفاظ بسجلٍ مُفصل للتدريب واختبار مستوى أدائك بانتظام يمكنهما أن يُنبهاك إذا ما بدأ أداؤك في التراجع. وتأتي بعد ذلك أحاسيس التعب والإرهاق التي يصفها العالم تيم نواكيس في كتابه “The Lore of Running” بأسماء “متلازمة ثقل الساقين” و”التثاقل المفرط”، ورغم أنَّ تلك التسميات تبدو مقلقة، إلا أنَّهما ليسا بخطورة متلازمة الإفراط في التدريب، فالاهتمام الحذر بأخذ قسطٍ كافٍ من الراحة يمكن أن يحول دون حدوث مشكلةٍ أكثر خطورة.

لكن إذا كان حمل التدريب كبيراً للغاية لفترةٍ طويلةٍ جداً، أو كان تدريبك على وتيرةٍ واحدة لا تتغير متضمناً تكرار نفس التدريبات كل يوم، وإذا كنتَ لا تتعافى بشكلٍ كافٍ فقد تدفع بنفسك للدخول في حالة الإفراط في التدريب.

كيف تُميز حالة الإفراط في التدريب؟


تدل المؤشرات النفسية غالباً على وجود حالة إفراط في التدريب بصورةٍ أسرع وأكثر وضوحاً من المؤشرات الفسيولوجية، مثل اختبارات الدم وقياسات معدل ضربات القلب. ولكون الحالات النفسية والفسيولوجية مثل الاكتئاب ومشاكل الغدة الدرقية يمكن أن تشبه الإفراط في التدريب، فمن المهم المتابعة مع طبيب ذي خبرة لمعرفة التشخيص الصحيح.

وقد يصعب تحديد علامات الإفراط في التدريب. إذ يمكن أن يُظهر رياضي يعاني من حالة الإفراط في التدريب مجموعة من الأعراض التي سنأتي على ذكرها لاحقاً (وفقاً لما جاء في كتاب نواكيس) في حين لا يُظهر أعراضاً أخرى للحالة. ولأنَّ العديد من هذه الأعراض يمكن أن يشير إلى حالاتٍ طبية أخرى دفينة يجب عليك ألَّا تستخدم قائمة أعراض حالة الإفراط في التدريب كأداة لتشخيص حالتك الصحية بنفسك، وبدلاً من ذلك، عليك أخذ مشورة مدربك وطبيبك.

ويتغير التفكير في الإفراط في التدريب باستمرار، لكنَّ الغالبية تتفق على أنَّه لا يمكن إنهاء الإفراط في التدريب إلا من خلال فترة مطولة من الراحة، والتي يمكن أن تستمر لأسابيع أو حتى أشهر. وبالتالي، فإنَّ نجاحك الرياضي يعتمد على تجنب الدفع بنفسك إلى مثل هذه الحالة عن عمد.

كيف تمنع نفسك من الوصول إلى حالة الإفراط في التدريب؟


يذكر كتاب “The Athlete’s Guide to Recovery” العديد من الممارسات العملية التي يمكنك اتباعها لحماية نفسك من الوصول إلى حالة الإفراط في التدريب: ركِّز على نظام التغذية الذي تتبعه أثناء التعافي، وأجعل النوم أولوية، ووازن بين التدريب والعمل والعلاقات الإنسانية، وانتهج إستراتيجيات للتعافي مثل ارتداء ملابس لضغط الجسم وممارسة اليوغا العلاجية. وعلى نطاقٍ أوسع، فمجرد معرفة أهدافك والانتباه جيداً لحالة جسدك سيساعدانك على عدم الدخول في تلك الحالة.

يمثل السياق الأوسع لتدريباتك الرياضية كل شيء. فوضع أهداف ملائمة والإبقاء على الصورة الأكبر في الأذهان خلال الموسم الرياضي يساعد الرياضيين على تجنُّب الإفراط في التدريب. ويقول مارفين زواديريه مدرب الأداء الرياضي والمعالج النفسي إنَّ الإفراط في التدريب هو نتيجة شائعة بين الرياضيين الذين يضعون أهدافاً غير واقعية. فإذا وضعت هدفاً بعيداً للغاية بحيث يستهلك كل طاقتك، ستتعرض للإصابة وقد يودي ذلك بك بسهولة إلى الإفراط في التدريب. إضافةً إلى ذلك فغالباً ما يدفع القلق الرياضيين إلى السعي لممارسة سيطرتهم. إذ يقول زاوديريه إنَّه حين يشعر الرياضيون بالقلق، فإنهم يلجأون إلى الأشياء التي يعتقدون أنَّ بإمكانهم السيطرة عليها -على سبيل المثال، مقدار وشدة تدريباتهم- وكثيراً ما يكون ذلك على حساب تعافيهم.

ويتفق كارل فوستر أستاذ فسيولوجيا التمرين بجامعة ويسكونسن لاكروس الأميركية مع زاوديريه على أنَّ المشكلة تتمثل في الحاجة إلى السيطرة. إذ قال عن سنوات عمله في مستشفى تعليمي: “كنتُ أرى الأطباء المقيمين المتعبين طوال الوقت يحاولون فعل أمورٍ طائشة نتائجها سيئة. لكن هل ذهبوا إلى منازلهم ونالوا قسطاً من الراحة؟ لا، لقد ذهبوا إلى المكتبة ليقرأوا عن تلك الأمور. وبالمثل، حين يكون أداء الفنانين أقل من الممتاز، فإنَّهم يخضعون لمزيدٍ من التدريبات”. ويوضح فوستر أنَّ العقلية المُنصبَّة على الإنجاز تتسبب في هذه المشكلة. ويقول: “هذه هي الطريقة التي تُصاب من خلالها بمتلازمة الإفراط في التدريب. فأنت تقول ‘شكلي غير لائق، أنا بحاجة إلى التمرين بجدية'”، في حين أنَّ مظهرك يكون مثالي تماماً لكنك ببساطة لم تنل قسطاً من الراحل للتعافي.

الانتباه لحالتك النفسية والفسيولوجية أمرٌ مهم. ويجب عليك معرفة عاداتك والأمور التي تمثل ضغوطاً بالنسبة لك، وكذلك أهدافك. وبعيداً عن تلك المعرفة بذاتك، سجِّل بشكلٍ دقيق مسار أدائك في التدريبات والسباقات، وحلِّله للتأكد من أنَّ معدل تكيُّفك مع التدريبات يسير وفقاً للخطة المرسومة. ويجب أن يدفعك انخفاض أدائك إلى البحث عن سببه والتركيز على تعافيك. وتذكر أنَّه عادةً ما يكون لتخفيف حدة التدريبات أثرٌ أقوى من زيادتها.

وسيساعدك تتبع المؤشرات، مثل الحالة المزاجية وعدد ساعات النوم ومختلف العوامل الفسيولوجية، على مراقبة تعافيك وتحسين تدريبك. وستُجنبك مثل هذه اليقظة الاقتراب من حالة الإفراط في التدريب، كما أنَّها ستساعدك على الوصول إلى نقطة الذروة الممكنة في أدائك.

مؤشرات الإفراط في التمرين:


مؤشرات نفسية:

  • فقدان الرغبة في التنافس والتدريب.
  • فقدان القدرة على التركيز، في التمرين وكذلك في العمل.
  • فقدان الشهية.
  • انخفاض الدافع الجنسي.
  • اضطرابات النوم.
  • ارتكاب الحماقات.
  • المزاج السيء.
  • العصبية.

مؤشرات فسيولوجية (وظائفية):

  • انخفاض مستوى الأداء.
  • شعور بالثقل والخدر في الساقين.
  • فقدان الوزن.
  • الهزال (الضعف الجسماني).
  • العطش.
  • ارتفاع معدل ضربات القلب أثناء الراحة، وخلال تغيير وضعية الجسم، و/أو بعد التدريب.
  • الدوار.
  • الشعور بألم في العضلات لا يزول تدريجياً.
  • تضخم العقد الليمفاوية.
  • حدوث مشاكل بالجهاز الهضمي، على الأخص الإسهال.
  • المرض بصورة متكررة.
  • التعافي البطيء.
  • انقطاع الطمث.

نصائح سريعة:


الإفراط في التدريب هو حالة خطيرة يمكن أن تستغرق شهوراً للتعافي منها. فانتبه إلى عملية التعافي حتى لا تصل إلى حالة الإفراط في التدريب.
أخذ بضعة أيام للراحة مع ظهور أولى العلامات على عدم تعافيك بصورةٍ كاملة يمكن أن يجذبك بعيداً عن حافة الهاوية.
علامات الإفراط في التدريب يمكن أن تكون أيضاً أعراضاً لحالاتٍ مرضية أخرى؛ لذلك استشر طبيبك.
أحياناً يكون لتخفيف حدة التدريبات نتائج أفضل من تكثيفها.



هذه المقالة مترجمة من قبل فريق الموقع. المصدر: triathlete by Sage Rountree

تعليقات